وهل يظهر الجن المؤمن على إخوانه المؤمنين والمؤمنات من الإنس؟.
الحقيقة كل الحقيقة:
لا يوجد جن مؤمن يحضر نفسياً لعالم الإنس على الإطلاق، فكل من يحضر من الجن لعالم الإنس فهو حتماً ويقيناً من الجن الكافر، أي: شيطان مَـريد، ولكنها دعواهم بأن هناك جِنّاً مؤمناً، ليخدعوا البسطاء من الناس.
فكيف يكون مؤمناً ويعبر في امرأة ؟!. وقد قال تعالى عن الشيطان :
{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة: الآية (169) .
{مَا لاَ تَعْلَمُونَ} ليس له أساس أو أصل أو وجود في كتاب الله، بل هو مخالف لكلام الله، فهو مرفوض لأنه من خروقات عدوكم الشيطان لهلاككم.
وتحذير الله تعالى صريح في كتابه :{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا..} سورة الأعراف (27).
هذا قوله تعالى: احذروا أن تستهووا ما يقدمه الشيطان، حيث كانت غايته أن ينزع عن أبينا آدم وأمنا حواء حال الإقبال( لباس التقوى) ليريهما ما يسوؤهما.
قال تعالى في سورة الأعراف: الآية (27) {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}.:أدلاّء لإخراج ما فيهم من خبث. فلماذا جعلهم الله تعالى بهذا؟.
المريض لا بدَّ له من علاج. فالتخمة تحتاج لمسهل، الدُمَّل لا بدَّ له من منقِّي مخرج للقيح.
فمن امتلأت نفسه بالخبث، الشيطان يصبح دواءً له، يخرج له مافي نفسه من شهوة خبيثة، بعدها يداويه الله تعالى بشدَّة، ببلاء لعله يرجع. فهو يراكم وأمثاله من الشياطين فقط، وهم أولياء للذين لا يؤمنون، ولا تجد قوماً يؤمنون بالله يواددون من حادَّ الله ورسوله، فلو كانوا مؤمنين لما كانوا أولياء للكافرين من الشياطين.
ليس هناك جن مؤمن يظهر للإنس مطلقاً.
ولكن هناك سؤال:
كيف تحضر الشياطين على الناس كملائكة أم كجنَّة شياطين؟!.
أقول :
لا يأتي الشيطان إلا عن طريق الغشّ والخداع، فلو عرف الناس أنه شيطان مَريد لما صدَّقوه، ولأفلتوا من تأثيره الضار المؤذي، وقد ورد في القرآن الكريم قول الشيطان ونيته الخبيثة تجاه بني آدم: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ..} (17) سورة الأعراف : فهذه تنطبق على البسطاء من الناس الذين يأتيهم عن أيْمانهم، أي: عن طريق ادّعاء الدين وقراءة القرآن واليُمن والخير ليخدعهم وليستسلموا إليه لإتيانه مكراً باسم الدين، وليطعن بالدين وأهله، فإن ظهر من يدَّعي بأنه جنٌّ مؤمن فهو شيطان مريد , ليثبِّت أقدامه ويستحكم بنفوس المغشوشين به، ويحقق مآربه الخبيثة الشريرة لإهلاكهم. تلك الدعوة الكاذبة تنطلي على كثير من الناس البسطاء،قد ارتداها وتنكَّر بها السحرة في البلاد التي تحمل صبغةً إسلامية، فلقد ظهروا زوراً بطابع ديني، والدين منهم بُراء، والقرآن يحذِّر منهم ويفضحهم .
الولي هو المتابع لحدود الله:
هذا وإن كان هناك أحد من رجال الدين يقول عكس قول الله فلا ينبغي لمؤمنٍ أن يتبعه، لقوله تعالى:
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ ..} (79) سورة آل عمران: فلا نبي ولا رسول يقول للناس اسمعوا كلامي، ولا يقول للناس شيئاً غير ما ورد في كتاب الله، وهذا ينفي كل قَولٍ يخالف القرآن، لا يقول نحن من أهل التشريف لا التكليف، فليس علينا جُناح أن نفعل ما نشاء، لأننا خير من الناس لأعاجيبنا،نفعل العجائب السحرية، ولو ارتكبنا المعاصي فهي لنا طاعات، هذه أقوال شياطين الإنس من السحرة، أما المؤمن فيقول: {.. وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ..} (79) سورة آل عمران: اسمعوا كلام المربي ،هذا ما يقوله المؤمن: اسمعوا كلامي عن كتاب الله، سيروا بدلالة الله،بالقرآن.
{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا ..} (80) سورة آل عمران:تقول جاءني الملك فكلَّمني كذا وكذا، وهو مخالف لكلام الله، هذا شرك .
( أتقول إلهام؟!. ما في إلهام ... كله ضمن كتاب الله، إن وافق فهو حق: حتى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ارجع فيه لكتاب الله، فهو من عند الله إن طابق، وإن خالف فما قاله صلى الله عليه وسلم أبداً وهو كذب عليه )، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضمن نفسه إن عصى وحاشاه، فكيف يردُّ عن غيره ممن عصى؟!. وهذا ما تبيِّنه الآية الكريمة:
{قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (15) سورة الأنعام. فالعبادة لا تكون إلا لله تعالى،والشرك هو السير بكلامٍ يخالف كلامه تعالى، ولو وثَّقه الموثِّقون ووثَّقوه، فرجل الدين حقاً إنما يمشي في مضمار الحق والحقيقة المنبثقة من القرآن وتعاليمه السامية، ومن خالف القرآن فهو ليس برجل دين، إن هو إلا داعٍ للشيطان الرجيم، بل هو من حزبه وجنده. ( فليس هناك جن مؤمن يقْرب عالمنا أبداً )، وما ذكر القرآن ذلك أبداً، بل حذَّر من الشياطين بقوله تعالى لرسوله الكريم: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ،وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} (97-98) سورة المؤمنون.
فكلمة ( الجن ) بحدِّ ذاتها تشرح هذا، وكما سبق من قبل وبيَّنا , حيث أن عالم الجن مستورون عنَّا، قد فصل الله بيننا، وكل مخالفة لذلك وظهور من ذاك العالم للإنس، فهو معصية وشطَنٌ عن الحق والحقيقة. ( حيث لا يدخل عالمهم نفسياً إلا تابع للشيطان، امرؤ كافر ليس بمؤمنٍ ). هذا وقد حذَّرنا تعالى من هؤلاء الشياطين:
{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (27) سورة الأعراف: إذن ما غايتهم إلا الضرر والأذى،والأمر بالسوء والفحشاء ظاهراً وباطناً، ومن الناس من يفتخر بأنه يراهم وأنهم يحضرون عليه، ظنّاً منه أنهم ملائكة يتنزَّلون عليه بالأوامر الإۤلهية، وهذا ما يحدث كثيراً عند بعض النساء، إذ يتحدثن بذلك ويعتبرنه فتوحاً، وتكون قد جرت المياه الآسنة من تحتهن سواء علمن أم لم يعلمن ،والشيطان قد مكر بهنَّ، ولفَّ حبال شباكه حولهن، مدَّعياً أنه جنٌّ مؤمن،وحتى أنه قد يدَّعي بأنه مَلَكٌ، والحقيقة أنه شيطان عدو مريد، يبغي تدميرهن وتفريقهن عن أزواجهن وهلاكهنَّ .
فسيدتنا مريم الطاهرة العذراء اضطربت وهي في خلوتها من رؤية رجل، قال تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا،قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ ..}:أي: إنني التجأت واحتميت بالرحمن منك فمن أنت؟!. قال لها: إني مَلَك. فقالت:{.. إِن كُنتَ تَقِيًّا }(17-18) سورة مريم: قالت له:ولو كنت ملكاً، ما دخولك؟. قوانين الله وحدوده فوق كل شيء. ولم تقبل دخوله على خلوتها في حجرتها بصورة بشر حتى تيقَّنت من أنه رسول من قبل الله، لأن الملائكة سبق وبشَّرتها بالسيد المسيح عليه السلام، وأرسل سيدنا جبريل لها نفس سيدنا عيسى المسيح عن طريق فمها أثناء الحديث.
مفاجأة مذهلة: ما أصعبها من لحظة على الذين يظنون أنهم يحسنون صنعاً بسماعهم كلام الملائكة
على ظنِّهم، عند ظهور الحقيقة أنهم كانوا أتباعاً لأعدائهم الشياطين، يقودونهم للمعاصي ثمَّ لنارٍ تلظَّى، وهم ظانين أنهم بطاعة الله عن طريق الملائكة سائرون، وإذ هم بالشرك والمعصية والرذيلة غائصون.
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (40) سورة سبأ: فتجيب الملائكة: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} (41) سورة سبأ، {.. اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (30) سورة الأعراف. وعندها لا عودة إلى الدنيا، ولا عمل صالح، بل فقدان الأمل وظهور الفشل يلازمهم، فيلجئهم إلى النيران تخفف عنهم آلامهم النفسية الرهيبة، لما اقترفوا من موبقات ومعاصي قادهم لها الشيطان الرجيم.
إذن: علينا أن لا نصدِّق أبداً أن هناك جنٌّ مؤمن يقرب عالمنا أبداً، ولو ادَّعى أنه ملَك زوراً وبهتاناً. ولا يقرب عالمنا من الجن إلا الشيطان، وهو حتماً من الجن الكافر.
فحذار من سوء البذار، واستجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله، وهو تعالى يخاطب فيه أولياء الشيطان:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ،وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ،وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} (60-62) سورة يــس
وحقـائـق
عمدت السحرة على تشويه الأديان السماوية أولاً، وكان هذا ديدنهم بقاءً على
عهدهم مع أبيهم اللعين إبليس بالقعود على الصراط المستقيم، فلا نجد أصحاب الكرامات وخوارق العادات منتشرة فقط بين المسلمين، بل هناك مُسحاء كذبة وأنبياء كذبة كما سماهم السيد المسيح عليه السلام:
(يعطون آيات وعجائب تخييلية لكي يضلُّوا لو أمكن المختارين أيضاً )
وقد حذَّر منهم عليه السلام أيّما تحذير وقال:
( احذورا الأنبياء الدجَّالين الذين يأتون إليكم لابسين ثياب الحملان، ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم، وهل يُجنى من الشوك العنب؟!. ) [متى 7/15].
هؤلاء الذين يصنعون المعجزات أو الكرامات وخوارق العادات وبادعائهم الولاية والدعوة للدين الحق باسم رسالة الإسلام أو السيد المسيح ما مصيرهم حقاً؟!.
هؤلاء يدّعون أن كبار سحرتهم رسل وأنبياء، وهم إباحيّون مكارون.
لقد كشف لنا القرآن الكريم خفايا أولئك ونتاج أعمالهم المهلكة، والشقاء الأبدي الذي سيحل بهم، وتبين لنا ذلك جليّاً في السابق.
والآن كذلك أقوال السيد المسيح عليه السلام تكشف لنا نتاجهم المهلك لهم أولاً وأخيراً، فيقول عن يوم الجزاء على الأعمال:
( في ذلك اليوم سيقول كثيرون.. أليس باسمك تنبأنا، وباسمك طردنا الشياطين، وباسمك عملنا معجزات كثيرة؟. ولكني أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط!. ابتعدوا عني يا فاعلي الإثم) [متى 7/22،23].
وذلك قول رسل الله قاطبةً لمثل أولئك الأدعياء الكذبة مشوهي الأديان...
أوردنا ذلك لتصحيح المعلومات، سدد الله خطاكم وخطانا للصواب، وأبعد عنكم وعنَّا شرَّ الدسوس، وربك على كل شيء حفيظ.